العراق بين المطرقة الإسرائيلية والسندان الإيراني: تداعيات استخدام قواعد عراقية لضرب إيران

فراس الغزي

العراق بين المطرقة الإسرائيلية والسندان الإيراني: تداعيات استخدام قواعد عراقية لضرب إيران

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية بين إسرائيل وإيران، باتت السيناريوهات المحتملة لأي مواجهة بين الطرفين مثار جدل وتحليل. أحد أكثر السيناريوهات إثارة للقلق هو احتمال استخدام إسرائيل لقواعد عسكرية في العراق لضرب أهداف داخل إيران. هذا التصور إذا تحقق، فإنه سيحمل في طياته تداعيات جسيمة على العلاقات بين العراق وإيران، وسيضع العراق في موقف حساس للغاية على المستويات السياسية، الأمنية، والاقتصادية.

العراق، الذي يعاني من حالة عدم استقرار داخلي منذ سنوات طويلة، سيجد نفسه وسط عاصفة من التصعيد غير المسبوق إذا ما قررت إسرائيل استخدام أراضيه كمنصة لضرب طهران. فعلى الرغم من العلاقات الجيدة بين بغداد وطهران، فإن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد في التوترات بين البلدين، حيث ستعتبر إيران أن العراق انحاز إلى أعدائها في المنطقة.

إيران تمتلك نفوذًا كبيرًا داخل العراق من خلال دعمها للفصائل السياسية والعسكرية العراقية، وخاصة الفصائل الشيعية المسلحة. ومن الطبيعي أن يؤدي أي استهداف إسرائيلي من داخل العراق إلى رد فعل عنيف من قبل إيران وحلفائها في البلاد، ما قد يُحدث حالة من الفوضى الأمنية والسياسية. هذه الفصائل لن تقف مكتوفة الأيدي، بل من المرجح أن تسعى للانتقام من أي حكومة عراقية تتعاون مع إسرائيل، ما يهدد باندلاع صراع داخلي في البلاد.

على الجانب الآخر، الحكومة العراقية ستواجه ضغطًا هائلًا للحفاظ على توازن دقيق بين علاقاتها مع إيران وجيرانها من جهة، ومع الولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى. إذا ما دعمت أو سمحت باستخدام قواعدها لضرب إيران، فإن بغداد ستتعرض لانتقادات حادة من القوى الداخلية الموالية لإيران، وربما تصل الأمور إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية، فضلًا عن تصعيد عسكري قد يقلب موازين القوى داخل العراق.

العواقب الاقتصادية لا تقل خطورة عن السياسية والأمنية. فالعراق يعتمد بشكل كبير على التبادل التجاري مع إيران، خاصة في مجال الطاقة. أي تصعيد بين البلدين قد يؤدي إلى قطع الإمدادات أو فرض عقوبات اقتصادية متبادلة، مما سيعمق من الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العراق بالفعل.

أما على الصعيد الإقليمي، فإن استخدام قواعد عراقية لضرب إيران سيؤدي بلا شك إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر. قد تدفع هذه الخطوة إيران إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد المصالح الأميركية في العراق أو في دول الجوار، مما يزيد من احتمالات اندلاع حرب واسعة النطاق تمتد آثارها لتشمل دول الخليج وتركيا.

باختصار، استخدام إسرائيل لقواعد عراقية لضرب إيران هو سيناريو يحمل في طياته مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى زعزعة استقرار العراق بشكل غير مسبوق. سيتعين على العراق في هذه الحالة أن يتخذ خطوات حكيمة ومتزنة لتجنب الوقوع في فخ التصعيد الإقليمي، والحفاظ على سيادته واستقراره الداخلي.